في عصور الإسلام الفاضلة اشتهرت صحابيات وتابعيات ونساء فقيهات عالمات وأديبات وشاعرات حملن لواء الدعوة والعلم وانطلقن ينشرنه في أرجاء المعمورة فانتفع بعلمهن الكثير، فكانوا أقماراً وشموساً في سماء الإسلام الساطعة. واستكمالاً للمسيرة الدعوية، نقدم للأخت المسلمة الداعية لمحات يسيرة فيما يجب أن تكون عليه لتنجح دعوتها إلى الله.
1 - الداعية الناجحة: تأتلف مع البعيدة وتربي القريبة وتداوي القلوب، قال الشاعر:
احرص على حفظ القلوب من الأذى *** فرجوعها بعد التنافر يصعب
إن القــلوب إذا تنـافر ودهــا *** مـثل الزجــاجـة كسرهـا لا يشعب
2 - الداعية الناجحة: تظن كل واحدة من أخواتها بأنها أحب أخت لديها عند لقائها بها، قال تعالى: {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي} [طه:39].
3 - الداعية الناجحة: عرفت الحق فعرفت أهله، وإن لم تصورهم الأفلام، أو تمدحهم الأقلام، قال تعالى: {تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح:29].
4 - الداعية الناجحة: إذا قرعت فقيرةٌ بابها ذكرتها بفقرها إلى الله عز وجل، فأحسنت إليها، قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر:15].
5 - الداعية الناجحة: تعلم أنها بأخواتها، فإن لم تكن بهن فلن تكون بغيرهن، قال تعالى: {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا} [القصص:35].
6 - الداعية الناجحة: لا تنتظر المدح في عملها من أحد؛ إنما تنظر هل يصلح للآخرة أم لا يصلح؟
7 - الداعية الناجحة: إذا رأت أختاً مفتونة لا تسخر منها، فإن للقدر كرات قال تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} [الإسراء:79]، وليكن شعارك: (( يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك)) .
8 - الداعية الناجحة: ترعى بنات الدعاة الكبار الذين أوقفوا وقتهم كله للدعوة، والجهاد في سبيل الله، بعيداً عن الأهل والبيت قال تعالى: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [آل عمران:121] وفي الحديث: «من خلف غازياً في أهله بخير فقد غزا» .
9 - الداعية الناجحة: تجعل من بيتها مشغلاً صغيراً تنفع به الدعوة، والمحتاجين، كأم المساكين ( زينب ) رضي الله عنها.
10 - الداعية الناجحة: تعطي حق زوجها، كما لا تنسى حق دعوتها حتى تكون من صويحبات خديجة رضي الله عنها، قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: «صدقتني إذ كذبني الناس، وآوتني إذ طردني الناس، وواستني بنفسها ومالها، ورزقني الله منها الولد، ولم يبدلني الله خيراً منها».
11 - الداعية الناجحة: مصباح خير وهدى في دروب التائهين.. تحرق نفسها في سبيل الله... «لأن يهدي الله بك رجلاً خير لك من حمر النعم» .
12 - الداعية الناجحة: تعلم أن مناهجها على ورق إن لم تحيها بروحها وحسها وضميرها وصدقها وسلوكها وجهدها المتواصل.
13 - الداعية الناجحة: لا تهدأ من التفكير في مشاريع الخير التي تنفع المسلمين في الداخل والخارج.. أعمالها تظل إخوانها في كل مكان {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج:77].
14 - الداعية الناجحة: تنقل الأخوات من الكون إلى مكونه، فلا تكون كبندول الساعة، المكان الذي انطلق منه عاد فيه.. بل تشعر دائماً أنها وأخواتها في تقدم إلى الله {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ} [المدثر:37].
15 - الداعية الناجحة: تشارك بقلمها في الجرائد والمجلات الإسلامية والمنتديات، تشترك فيها وتقوم على إهدائها للأخوات وإرشادهن إلى أهم الموضوعات. والمقال القصير المقروء خير من الطويل الذي لا يقرأ «أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلَّ» .
16 - الداعية الناجحة: تحقق العلم على أرض الواقع، كان خلق الرسول الكريم القرآن، فهي تعلم أن العلم بلا عمل كالشجر بلا ثمر.
17 - الداعية الناجحة: تبحث عن الوسائل الجديدة والمشوقة في تبليغ دعوتها، ولكن في حدود الشرع وسيأتي الزمن الذي تسود فيه التقنية والمرئيات على الكتب والمؤلفات في اكتساب المعلومات {وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [النحل:8].
18 - الداعية الناجحة: لها مفكرة تدون فيها ما يعرض لها من فوائد في كل زمان ومكان «كل علم ليس في قرطاس ضاع» .
19 - الداعية الناجحة: تعرف في أخواتها النشاط وأوقات الفترة فتعطي كل وقت حقه، فللنشاط إقبال تستغل، وللفترة إدبار تترفق بهن ( لكل عمل شرة ولكل شرة فترة ).
20 - الداعية الناجحة: غنية بالدعوة فلا تصرح ولا تلمح بأنها محتاجة لأحد لقوله تعالى: {يَحْسَبُهُمْ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنْ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة:273].
21 - الداعية الناجحة: تعلم أن المال قوة فلا تسرف طلباتها لكماليات المنزل قال تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا [الفرقان:67]، وتسخر المال في خدمة الإسلام والمسلمين.
22 - الداعية الناجحة: تمارس الدعاء للناس، وليس الدعاء عليهم، لأن القلوب الكبيرة قليلة كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون»، وقد قال تعالى: {قِيلَ ادْخُلْ الْجَنَّةَ قَالَ يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ(26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنْ الْمُكْرَمِينَ} [يس:27،26].
23 - الداعية الناجحة: إذا نامت أغلب رؤياها في الدعوة إلى الله فإذا استيقظت جعلت رؤياها حقائق. قال تعالى: {هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَاي مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا} [يوسف:100].
24 - الداعية الناجحة: تطيب حياتها بالإيمان والعمل الصالح، لا بزخارف الدنيا قال الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل:97].
25 - الداعية الناجحة: عرفت الله فقرّت عينها بالله، فقرّت بها كل عين، وأحبتها كل نفس طيبة، فقدمت إلى الناس ميراث الأنبياء.
26 - الداعية الناجحة: لا تعتذر للباطل من أجل عملها للحق، وهل يأسف من يعمل في سبيل الله؟ {قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} [طه:72].
27 - الداعية الناجحة: تكون دائماً على التأهب للقاء الله، وإن نامت على الحرير والذهب !! {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ} [البقرة:223].
28 - الداعية الناجحة: لا تأسف على ما فات ولا تفرح بما هو آت من متاع الدنيا ولو أعطيت ملك سليمان، لم يشغلها عن دعوة الله طرفة عين، قال تعالى: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [الحديد:23].
29 - الداعية الناجحة: لا تفكر في نفسها فقط، بل تفكر في مشاريع تخدم المسلمين والمسلمات، قال الله تعالى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج:77].
30 - الداعية الناجحة: تسأل الله دائماً الثبات على الإيمان، وتسأله زيادته، قال صلى الله عليه و سلم: «اسئلوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم» .
31 - الداعية الناجحة: لا ترجو غير الله ولا تخاف إلا الله. متوكلة على الله، وراضية بقضاء الله.
32 - الداعية الناجحة: قرة عينها في الصلاة، قال صلى الله عليه و سلم : «وجعلت قرة عيني في الصلاة» .
33 - الداعية الناجحة: يجتمع فيها حسن الخلق، فهي ودودة كريمة جوادة.
34 - الداعية الناجحة: تتحمل الأذى من كل من يسيء إليها، وتحسن إليهم.
35 - الداعية الناجحة: العلم عندها العلم الشرعي لا الدنيوي.
36 - الداعية الناجحة: أولادها مؤدبون، دعاة، قدوة، تربوا في بيت دين وعلم، لا يولدون للآخرين الإزعاج.
37 - الداعية الناجحة: منارة تحتاط لنفسها في مجال النسوة، وفي غاية الأدب والتحفظ، وهي صادقة في أخلاقها.
38 - الداعية الناجحة: منضبطة تعرف متى تزور ومتى تُزار، حريصة على وقتها ليست بخيلة بزمانها، وليست ثقيلة فتُمل، ولا خفيفة فيستخف بها.
39 - الداعية الناجحة: لا تنس الفقراء وهي تلبس، ولا تنسى المساكين وهي تطبخ، ولا تنسى الأرامل وهي تشتري حاجياتها، ولا تنسى اليتامى وهي تكسو عيالها، قال تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران:92].
40 - الداعية الناجحة: تسعى على تزويج أخواتها في الله، لأنها تعلمت من حديث النبي صلى الله عليه و سلم: «أن المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا» ، فلا تترك أخواتها للهم والوحدة والأحزان، ولا تهدأ الأخت حتى يتم لأختها الخير والسعادة.
41 - الداعية الناجحة: إن وقع عليها بلاء كغضب زوج، أو إيذاء جار، تعلم أن ذلك وقع لذنب سبق فعليها التوبة والاستغفار.
42 - الداعية الناجحة: تصبر على الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتصبر على إصلاح عيوب أخواتها، ولا تتعجل ولا تظن بأحد الكمال، بل تنصح بلطف وتتابع باهتمام ولا تهمل.
فنسأل الله أن يوجد في أخواتنا وبناتنا مثل هذه الداعية الدرة الثمينة. إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم.