الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبىّ الأمين وعلى آل بيته الطاهرين وعلى أصحابه الغر الميامين وعلى كل من اتبع هداهم إلى يوم الدين ....
موضوع الأسرة المسلمة موضوع طويل شائك ويحتاج إلى جهد وصبر .. وسأكتفي بحالة واحدة وبعبارة تتكرر على المسامع ..
" تأمين مستقبل أبنائي " هذه العبارة التي تتكرر على ألسنة الآباء والأمهات باستمرار جيل بعد جيل سيأتي يوم ونرددها لنعمل بها ونأمن مستقبل أبنائنا ..
ولكن هل يعرف هؤلاء الآباء معناها ؟؟
ما هو التأمين الحقيقي لمستقبل أبنائنا ؟؟
عندما يترك الأب لأولاده ثروة ... أو عمل أو يهتم بهم لنيل شهادات عالية
افترض أنه أمن له مستقبل ناجح ...
لكن هل انتهى المشوار هنا ؟
لماذا نسي الأهل ما وراء المستقبل ؟
موت .. .. آخرة .. حساب " جنة .. نار "
التأمين الحقيقي عندما أصل بأولادي وأسرتي على أبواب الجنة
هذا هو المعنى الحقيقي لتأمين مستقبل الاولاد الذي غفل عنه اغلب الآباء ..
التأمين الحقيقي يتحقق عندما أزرع فيهم الهمة العالية لنيل أعلى مراتب الجنة " الفردوس الأعلى "
والله إنه الفوز العظيم ..
لماذا أزرع فيهم حب العلم والتفوق ونيل أعلى المراتب الدراسية دون أدنى تنبيه لحب الله ورسوله ??
هذه حال أغلب أسرنا المسلمة إلا من رحم ربي ..
فكم من أم تتباهى بشهادة ابنها أمام قريناتها مع أنه لم ينل شرف حفظ ولو عشر آيات بكتاب الله
ما الفائدة من التباهي أمام الناس بابن يحفظ ويقرأ عشرات الكتب ولكنه لا يحفظ ولو حديث لرسولنا صلى الله عليه وسلم
لماذا احقر من شأن ابني لمجرد عدم نيله علامة كعلامة ابن فلان أو ابن فلانة
ولم أزرع فيه حب التنافس مع أقرانه من أجل حفظ كتاب الله ...
ما الفائدة من ابن طبيب ولكنه في النهاية سيقف على أبواب جهنم
طبيب لم يتق الله أصبح جزاراً في مهنته لأني لم أربي فيه التقوى والخوف من الله عز وجل ..
مهندس .. معلم .. تاجر .. ابن في أي مجال من مجالات الحياة دون تقوى أو عمل بأحكام الله ..
هل هذه هي التربية الناجحة أو تأمين مستقبل الأبناء ؟
إن ترك الدين والابتعاد عنه في بناء المجتمع والأسرة لم ينتج إلا اختلالات مروعة فبدل الأخذ بكتاب الله وسنة نبيه وامتلاك العلم الإسلامي الذي هو تراث البشرية وتميز الشخصية الإسلامية نرى تفريطاً في إدراك السنن الربانية مع ذوبان خطير للشخصية الإسلامية على صعيد الأسرة وبالتالي على صعيد المجمتع ...
التربية الحقيقية للأبناء إلى جانب الصلاة والصوم وحفظ القرآن هي تربية الجانب الروحي للأبناء وكيفية التعامل في المجتمع ليصبحوا أفراد صالحين يساهمون في بناء مجتمع إسلامي ناجح ..
التربية الحقيقية تكون بتربية الأبناء على أسس دينية وأخلاقية سليمة هي من الأعمال الصالحة بامتثال أمر الله وأمر رسوله صلوات الله عليه واجتناب ما نهى عنه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لأن تربية الأبناء هي مسؤولية كبيرة
وعلى الآباء أن يتقوا الله في أبنائهم كي يقوا أنفسهم النار ليصلوا بهم إلى برّ الأمان.....
وليتذكروا الآية الكريمة في سورة التحريم:
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)
وذلك بالتعليم والتأديب والتربية .
وقال تعالى : { قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون } [ سورة الزمر : الآية 9 ]
وذلك أن من أعظم أصول الإصلاح التربية الدينية والاهتمام التام والاعتناء الكامل بشباب الأمة فإنهم محل رجائها وموضع أملها ومادة قوتها وعزها .
وبإصلاح تربيتهم تصلح الأحوال ..
لذلك يجب على الآباء أن يربوهم تربية عالية ويبثوا فيهم روح الدين وأخلاقه الجميلة
لأن زرع حب الله وخشيته في نفس أولادنا هو الوقاية لهم من الفتن والمغريات المحيطة بهم من كل جانب
تربية بناتنا على الطهر والعفاف وتقوى الله أهم وأعظم من جميع الشهادات التي ستحصل عليها لتكون عوناً لها في حياتها كما يظن أغلب الآباء .....
ليست الشهادة المعين لها بل كتاب الله عز وجل وهدي نبيه الأمين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ..
بهذه الشهادة تصبح إمرأة و أماً صالحة تساهم بإنشاء جيل صالح ..
وبهذا كان الأب والأم مسؤولون أمام الله عزوجل
عن تربية أطفالهم تربية إسلامية صحيحة وسليمة وإعداد جيل لا يرجو غيرالله ولا يخاف سواه
لا يملكه اليأس ولا يساوره القنوط غير هياب ولا وجل ولا متردد , لأنه يعلم أن الأمور بيد الله .....
كما جاء في التوجيه النبوي " كلكم راع ٍ وكلكم مسؤول عن رعيته "
طبعاً حديثنا لا ينفي أهمية العلم والتحصيل العلمي والنجاح ولكن يجب أن تترافق التربية العلمية مع التربية الدينية
يجب أن نزرع في أبنائنا حب الله عز وجل وحب رسوله صلى الله عليه وسلم مع حب العلم والنجاح ...
لأن بتفوق أبناء المسلمين ونجاحهم بكل المجالات وكل الاختصاصات
نرفع اسم الإسلام وبالعلم ترتفع الأمة وتنتفع بعلمائها وعلومهم فالتعاليم النافعة والتربية الصالحة تقود المسلمين إلى كل خير وفلاح
وتكون العلوم مقصوداً بها الصلاح والإصلاح .
وإذا قرأنا في سير الرجال الصالحين نجد خلفهم آباء وأمهات أفاضل كان لهم الدور الكبير في حياتهم
ويوماً ما سنرزق بأبناء يجب أن نقصد من وراء تربيتهم وجه الله وحده .. وسيكون دعاؤهم صدقة جارية لنا ونحن في القبر
فلهذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ))
جاء ذكر الولد الصّالح يدعو له أي ينتفع بدّعاء ولده حين يكون صالحاً وهذا جزاء للوالدين حين يربون ولداً صالحاً .
ولا ننسى أن حافظ القرآن يلبس والديه تاج يوم القيامة بحفظه للقرآن والعمل به ..... أفلا يستحق هذا التكريم يوم اللقاء أن نربي أولادنا على حب القرآن وحفظه
عن بريدة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ القرآن وتعلَّم وعمل به أُلبس والداه يوم القيامة تاجاً من نور ضوؤه مثل ضوء الشمس ، ويكسى والداه حلتين لا تقوم لهما الدنيا فيقولان : بم كسينا هذا ؟ فيقال : بأخذ ولدكما القرآن " . رواه الحاكم ( 1 / 756 ) .
وفي النهاية لا نملك سوى الدعاء
رب هب لي من لدنك ذرية صالحة إنك سميع الدعاء
رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي .. ربنا وتقبل دعاء
عدل سابقا من قبل الفجر البعيد في الأحد فبراير 07, 2010 6:09 am عدل 1 مرات (السبب : إضافة وسام الموضوع المميز)