بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على خير المرسلين نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين
إن الحمد لله نحمده و نستهديه ونستنصره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا أما بعد:
فإن الناس على اختلاف ألوانها و بيئاتها قد اختلفوا في طبائعهم و تعاملاتهم بعضهم مع بعض فهنالك ابن المدينة و ابن القرية و ابن الريف أو البادية فلكل طبائع و عادات منها ما جبل عليه و منها ما هو مكتسب لكن الدين الحنيف جاء ليكون فوق الطبع و التطبع فلابد لكل امرئ أن يوظف الشريعة في كل تصرفاته لا العكس وأن يجاهد نفسه ما استطاع.
وقد قسم العلماء الناس في أخلاقهم و تدينهم إلى أربعة أصناف:
1- صنف مهذب بطبعه فتدين فزاده تدينه تهذيبا.
2- و صنف غليظ بطبعه فتدين فهو يجاهد طبعه ليرضي ربه و يتحبب لخلقه.
3- و صنف مهذب بطبعه غير متدين لربه، فهو قريب من الخلق بعيد عن الخالق.
4- و صنف رابع غليظ بطبعه متدين لربه لكن لم يجاهد طبعه الغالب و يلين للخلق .. فهذا فيه خلة سوء حتى يدعها.. وإيمان ناقص حتى يستكمله بحسن الخلق.
قد يقول البعض كيف يكون المرء مهذبا بطبعه، أقول له ما نقله لنا السلف:
حدثنا أبو معمر قال حدثنا عبد الوارث قال حدثنا يونس عن عبد الرحمن بن أبى بكرة عن أشج عبد القيس قال قال لي النبي صلى الله عليه و سلم : إن فيك لخلقين يحبهما الله قلت وما هما يا رسول الله قال الحلم والحياء قلت قديما كان أو حديثا قال قديما قلت الحمد لله الذي جبلني على خلقين أحبهما الله
قال الشيخ الألباني : صحيح
وفي ذلك فضل من لله ومنة فلا يدعيه العبد لنفسه، ثم يكون من تدينه أن يدفعه لأن يحمد الله على نعمته التي أنعمها عليه و أن يزيد من أخلاقه و طبائعه تهذيبا.
أما في الصنف الثاني فالغليظ بطبعه المجاهد لتهذيب نفسه ليرضي ربه مأجور على ذلك ومن الأمثلة على ذلك أنه جاء في حديث أبي هريرة:
إن رجلا قال يا رسول الله مرني بعمل وأقلل قال " لا تغضب " ثم أعاد عليه فقال " لا تغضب "
رواه البخاري
إن رسول الله كان يعلم أن الرجل سريع الغضب بطبعه فهو ملهم من الله سبحانه فلما جاء يسأله العظة و النصيحة قال له لا تغضب حثا منه لأن يجاهد الرجل نفسه على ترك تلك الخصلة فبتركه لها إتباع لنهي الرسول صلى الله عليه وسلم
و أما ذاك النوع الثالث إنما قد تحلوا له الدنيا و يغتر بحب الناس له و قربه منهم وذلك ليس إلا لهبة قد وهبها الله له فأذكره و أذكر نفسي بقول شداد بن أوس رضي الله عنه حين خطب بالناس:
" أيها الناس! إن الدنيا أجل حاضر يأكل منها البر و الفاجر و إن الآخرة أجل مستأخر يحكم فيها ملك قادر ألا و إن الخير كله بحذافيره في الجنة و إن الشر كله بحذافيره في لنار" اه..
فلا يغرنك أخي قرب الناس منك و لا تنظر إلى مركزك و مكانتك في الدنيا بل ضع أعمالك نصب عينيك و تأمل بيتك الثاني في الدنيا ألا و هو القبر بيت ككل البيوت غني كان صاحبه أم فقير فاجتهد يرعاك الله و كمل أخلاقك الحسنة بالدين.
وأختم بآخر الأصناف، ذلك الصنف الذي ملأ الدنيا في هذا الزمان بسبب كبر صاحبه و حبه لنفسه فزين له الشيطان تصرفاته فلبس عليه وجعله يظن بتدينه أنه على خير و أن الناس ببعدها عنه ليس إلا لضعف دينهم و نسي فظاظته و سوء خلقه الذي قد يهدم كل شيء فكم من شباب ظنوا بأنفسهم خيرا و تكبروا على إخوانهم أو حتى والديهم فنسوا برهم وصار الصحبة عندهم خيرا منهم، فأدعوه أن يراجع نفسه و ليعلم أن في إيمانه نقص كما قال أهل العلم و إن هذا النقص لا يملأ إلا بحسن الخلق فكم من صاحب علم أو داعية كان منفرا لسوء خلقه وكم من كلمة طيبة و ابتسامة في وجه امرئ لينت قلبه و أسرته فحسن حاله.
هكذا أُمِرْنا و هكذا كان سلفنا أشداء على الكفار رحماء بينهم، رحم الله عمر ابن الخطاب و رضي الله عنه كيف انقلب في شدته و غلظته بعد الإسلام رحيما على رعيته رؤوفا بهم و جعل شدته و غلظته على أعداء الله و أهل البدع و المنكرات وقافا عند حدود الله.
نسأل الله أن يحسن حالنا و يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه و أوصي نفسي و إخواني بأن يحدد مكانه من أولئك الأربع و يسعى جاهدا ليهذب نفسه و يرتقي لما هو خير....
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بقلم الجرح الغائر
و الصلاة و السلام على خير المرسلين نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين
إن الحمد لله نحمده و نستهديه ونستنصره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا أما بعد:
فإن الناس على اختلاف ألوانها و بيئاتها قد اختلفوا في طبائعهم و تعاملاتهم بعضهم مع بعض فهنالك ابن المدينة و ابن القرية و ابن الريف أو البادية فلكل طبائع و عادات منها ما جبل عليه و منها ما هو مكتسب لكن الدين الحنيف جاء ليكون فوق الطبع و التطبع فلابد لكل امرئ أن يوظف الشريعة في كل تصرفاته لا العكس وأن يجاهد نفسه ما استطاع.
وقد قسم العلماء الناس في أخلاقهم و تدينهم إلى أربعة أصناف:
1- صنف مهذب بطبعه فتدين فزاده تدينه تهذيبا.
2- و صنف غليظ بطبعه فتدين فهو يجاهد طبعه ليرضي ربه و يتحبب لخلقه.
3- و صنف مهذب بطبعه غير متدين لربه، فهو قريب من الخلق بعيد عن الخالق.
4- و صنف رابع غليظ بطبعه متدين لربه لكن لم يجاهد طبعه الغالب و يلين للخلق .. فهذا فيه خلة سوء حتى يدعها.. وإيمان ناقص حتى يستكمله بحسن الخلق.
قد يقول البعض كيف يكون المرء مهذبا بطبعه، أقول له ما نقله لنا السلف:
حدثنا أبو معمر قال حدثنا عبد الوارث قال حدثنا يونس عن عبد الرحمن بن أبى بكرة عن أشج عبد القيس قال قال لي النبي صلى الله عليه و سلم : إن فيك لخلقين يحبهما الله قلت وما هما يا رسول الله قال الحلم والحياء قلت قديما كان أو حديثا قال قديما قلت الحمد لله الذي جبلني على خلقين أحبهما الله
قال الشيخ الألباني : صحيح
وفي ذلك فضل من لله ومنة فلا يدعيه العبد لنفسه، ثم يكون من تدينه أن يدفعه لأن يحمد الله على نعمته التي أنعمها عليه و أن يزيد من أخلاقه و طبائعه تهذيبا.
أما في الصنف الثاني فالغليظ بطبعه المجاهد لتهذيب نفسه ليرضي ربه مأجور على ذلك ومن الأمثلة على ذلك أنه جاء في حديث أبي هريرة:
إن رجلا قال يا رسول الله مرني بعمل وأقلل قال " لا تغضب " ثم أعاد عليه فقال " لا تغضب "
رواه البخاري
إن رسول الله كان يعلم أن الرجل سريع الغضب بطبعه فهو ملهم من الله سبحانه فلما جاء يسأله العظة و النصيحة قال له لا تغضب حثا منه لأن يجاهد الرجل نفسه على ترك تلك الخصلة فبتركه لها إتباع لنهي الرسول صلى الله عليه وسلم
و أما ذاك النوع الثالث إنما قد تحلوا له الدنيا و يغتر بحب الناس له و قربه منهم وذلك ليس إلا لهبة قد وهبها الله له فأذكره و أذكر نفسي بقول شداد بن أوس رضي الله عنه حين خطب بالناس:
" أيها الناس! إن الدنيا أجل حاضر يأكل منها البر و الفاجر و إن الآخرة أجل مستأخر يحكم فيها ملك قادر ألا و إن الخير كله بحذافيره في الجنة و إن الشر كله بحذافيره في لنار" اه..
فلا يغرنك أخي قرب الناس منك و لا تنظر إلى مركزك و مكانتك في الدنيا بل ضع أعمالك نصب عينيك و تأمل بيتك الثاني في الدنيا ألا و هو القبر بيت ككل البيوت غني كان صاحبه أم فقير فاجتهد يرعاك الله و كمل أخلاقك الحسنة بالدين.
وأختم بآخر الأصناف، ذلك الصنف الذي ملأ الدنيا في هذا الزمان بسبب كبر صاحبه و حبه لنفسه فزين له الشيطان تصرفاته فلبس عليه وجعله يظن بتدينه أنه على خير و أن الناس ببعدها عنه ليس إلا لضعف دينهم و نسي فظاظته و سوء خلقه الذي قد يهدم كل شيء فكم من شباب ظنوا بأنفسهم خيرا و تكبروا على إخوانهم أو حتى والديهم فنسوا برهم وصار الصحبة عندهم خيرا منهم، فأدعوه أن يراجع نفسه و ليعلم أن في إيمانه نقص كما قال أهل العلم و إن هذا النقص لا يملأ إلا بحسن الخلق فكم من صاحب علم أو داعية كان منفرا لسوء خلقه وكم من كلمة طيبة و ابتسامة في وجه امرئ لينت قلبه و أسرته فحسن حاله.
هكذا أُمِرْنا و هكذا كان سلفنا أشداء على الكفار رحماء بينهم، رحم الله عمر ابن الخطاب و رضي الله عنه كيف انقلب في شدته و غلظته بعد الإسلام رحيما على رعيته رؤوفا بهم و جعل شدته و غلظته على أعداء الله و أهل البدع و المنكرات وقافا عند حدود الله.
نسأل الله أن يحسن حالنا و يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه و أوصي نفسي و إخواني بأن يحدد مكانه من أولئك الأربع و يسعى جاهدا ليهذب نفسه و يرتقي لما هو خير....
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بقلم الجرح الغائر