لم أحبه أبدا....أبدا ..أبدا مع أنه كان جدي لأبي،ومشلول أيضا ،و كنت أعيش مع أبي وأمي في قصره الخاص أيضا لكني لم أحبه مع كل ذلك،وأنا متأكد أنه كان يبادلني أنا والآخرين نفس المشاعر . جيش من المرتزقة عاش على فتات ثروته الهائلة،والجميع كان يطأطئ الرأس أمامه حتى الموظفين الكبار في المدينة.استهلك خمس زوجات خلال حياته,متن جميعهن بعد الاستهلاك الجائر خلال سنوات قليلة. بخيل .......ودكتاتور........ ولئيم... كان يناديني دائما" بإبن الجحش"، لأفرغ مبولته المرافقة له في السرير, و تلك كانت مهمة صعبة جدا كلفوني بها أهلي,وقد حمدت الله كثيرا أني كنت صغيرا غير قادر على حمله إلى الحمام آنذاك. ولم أعرف سببا يمنعه من "شراء" ممرضة أو ممرض يعتني به رغم غناه الفاحش . غير أن مهمة تقبيله(على الريق) صباحا كل يوم كانت أصعب ،خصوصا تحت أنظار "الجحش" وزوجته وباقي الأبناء والبنات والأصهرة والكنات المبتسمين بنفاق نادر,إعجابا بهذا الحفيد الذكي البار اللطيف.... كان تقبيله مقرفا لسبب بسيط،فقد امتلك جدي أكبر أنف في العالم،و عند قبلة الصباح عجزت دائما أنا إبن العشر سنوات عن تحاشي تقبيل أنفه الذي غطى وجهه, و الذي كان يمنعني رغم المحاولة من الوصول إلى جبينه أو وجنته , خصوصا انه كان يميل بوجهه نحوي مما يصعب المهمة اكثر. كنت عندما أنظر إليه وهو نائم أحيانا ،أكاد أرى دماغه من فتحتي أنفه العملاق . . . . و في يوم جميل مشمس بعد ليلة باردة من ليالي الشتاء،أدركت كرم الله سبحانه وتعالى،فقد علمت فور دخولي المدرسة أن معلمة الرياضيات،ستغيب بسبب وعكة صحية شديدة،فرحت لغياب تلك العنكبوت،إلا أن كرمه تعالي لم يقف عن ذلك الحد،فقد جاء أبي ليأخذني من المدرسة لزيارة جدي" الأنف" في مشفي المدينة الحكومي،وكانت هذه المرة الثانية التي يسعفوه فيها ليلا بدون أن أحس خلال شهر واحد يالهذا اليوم ما أجمله،فأعدائي مستلقين على ظهورهم في المشافي وأنا أنعم بطفولتي،لم ينغص علي إلا بعض المغص في بطني بسبب برد الليلة السابقة. على كل حال ذهبنا إلى المستشفى...دخلنا غرفة الجد المدعوم, جاهدت كثيرا بإدخال رأسي بين أجساد نساء استعجلن لبس الأسود, لكي أنظر إلى جدي.. ظهر لي أول الامر أنف متوضع على الوسادة يستلقي تحته رجل يفترض بعد هذا الانف ان يكون جدي,كان يتنفس بصعوبة و يسال أحد أبنائه عن المبلغ الذي دفعه مقابل الأدوية التي اشتراها من خارج المستشفى الحكومي. وقفت بجانب السرير. خشيت أن يطلب إلي تقبيل جبينه و لكن ذلك لم يحصل, بل نهرتني أمي أن أظهر بعض الحزن على حال الجد المحتضر...نظرت إلى وجهها الذي تجعد حتى النزف طالبا مني اظهار بعض الحزن.. أو أذرف دمعة ..او أقول.. كلمة ما او.. أو .أو.......... تحت ضغط بكاءالنساء "الصادق"(خوفا من ان يعود حيا إلى البيت مرة أخرى) حاولت اعتصار الدمع و لم أنجح أعتصرت نفسي أكثر ثم أكثر أغمضت عينيي, و حبست أنفاسي و رحت أتخيل ان مدرسة الرياضيات شفيت و عادت إلى المدرسة بدأ إحساس بالحزن ينتابني ضغطت اكثر ثم أكثر ثم.........................ياللهول وجدت الغازات المحبوسة طريقها إلى الحرية؟, معززة بصوت هائل , ولكن........ كان لها تأثير آخر أكثر شراسة, إذ اضطر الجميع, و خصوصا ذوي الأنوف الموروثة من ذاك الأصل (و هو ليس الشيئ الوحيد الذي ورثوه) إلى الخروج من الغرفة في نفس اللحظة التي تسمرت نظرات الجد في السقف و لم تتحرك بعد ذلك. و كان ذلك مع الأسف, كل ما استطعت ذرفه حزنا على جدي رحمة الله عليه و على انفه.
الله يرحمو كان ما أكرمو
تصويت
هل ضحكت من قلبك عندما قرات هذه القصة؟
- [ 0 ]
- [0%]
- [ 0 ]
- [0%]
- [ 0 ]
- [0%]
مجموع عدد الأصوات: 0
جمال عواد- الجنس :
همساتي : 7
نقاط النشاط : 53923
تاريخ التسجيل : 20/02/2010
- مساهمة رقم 1