أبو سعيد قراقوش بن عبد الله الأسدي الملقب بهاء الدين ( 597هـ ) ،، كان خادم صلاح الدين الأيوبي وقيل خادم أسد الدين شيركوه - عم صلاح الدين - ولما استقل صلاح الدين بالديار المصرية جعل له زمام القصر ، ثم ناب عنه مدة بالديار المصرية ، وفوّض أمورها إليه ، واعتمد في تدبير أحوالها عليه . كان رجلاً مسعودًا ، حسن المقاصد ، جميل النية ، وصاحب همة عالية ، فآثاره تدل على ذلك ، فهو الذى بنى السور المحيط بالقاهرة ومصر وما بينهما ، وبنى قلعة الجبل ، وبنى القناطر التي بالجيزة على طريق الأهرام ، وعمّر بالمقدس رباطا، وعلى باب الفتوح بظاهر القاهرة خان سبيل ، وله وقف كثير لايعرف مصرفه .
ولما أخذ صلاح الدين مدينة عكا من الفرنج سلمها إليه ، ثم لما عادوا واستولوا عليها وقع أسيرًا في أيديهم ، وافتك نفسه منهم بعشرة آلاف دينار في سنة 588هـ ، ففرح به السلطان فرحًا شديدًا ، وكان له حقوق كثيرة على السطان وعلى الإسلام والمسلمين ، واستأذن في المسير إلى دمشق ليحصل مال إقطاعـه فأذن له .
والناس ينسبون إليه أحكاماً عجيبة في ولايته ، حتى إن للأسعد بن مماتي له جزء سماه " الفاشوش في أحكام قراقوش "، وفيه أشياء يبعد وقوع مثلها منه ، والظاهر أنها موضوعة ، حيث إن صلاح الدين كان معتمدا عليه في أحوال المملكة ، ولولا وثوقه بمعرفته وكفايته مافوضها إليه ، وتوفي بالقاهرة سنة (597هـ) .
قراقوش : وهو لفظ تركي معناه بالعربي العُقاب ، الطائر المعروف ، وبه سمي الإنسان .
قضى مايزيد على الثلاثين عاما في خدمة السلطان صلاح الدين الأيوبي وابنيه .
فقراقوش يعرف لدى غالبية الناس مقترنا بالأحكام العجيبة والتي تصوره ظالما تارة وغبيا تارة أخرى ، وهي أحكام يتناقلها الناس ويزيد عليها البعض نوادر وطرائف نسبت قبل قراقوش إلى الكندي و جحا و أشعب حتى أصبح البعض حين يرى تصرفا ظالما أو غريبا يطلق عليه " حكم قراقوش " .
--------------------------------------------
مما قيل في قرقوش :
* قيل أنه (أي قراقوش) سابق رجلاً بفرس له ، فسبقه الرجل بفرسه ، فحلف أنه لايُعلفه ثلاثة أيام .
فقال له السابق : " يا مولاي يموت "
فقال له قراقوش : " احلف لي أنك إذا علفته ياهذا لاتعلمه أنني دريت بذلك "
-----------------------------------
* قيل وأتوه بغلام له ركبدار ( أي صاحب الركاب ) وقد قَتَل ، فقال :
" اشنقوه ".
فقيل له : " إنه حدادك ، وينعل لك الفرس ، فإن شنقته انقطعت منه ".
فنظر قراقوش قبالة بابه لرجل قفاص ( أي صانع أقفاص ) فقال : " ليس لنا بهذا القفاص حاجة ".
فلما أتوه به ، قال : " اشنقوا القفاص ، وسيبوا الركبدار الحداد الذي ينعل لنا الفرس ".
------------------------------------
* قيل وأتاه شيخ وصبي أمرد ، كل منهما يقول :
" يا مولاي داري !"
فقال عند ذلك قراقوش للصبي :
" معك كتاب يشهد لك ؟ فالدار ماتكون إلا للشيخ الكبير ، ياصبي ادفع له داره، وإذا صرت في عمر هذا الشيخ الكبير دفع لك الدار ".
------------------------------------
* وأتوه بغلام ، وفي يده ديك . فقال :
" ياهذا إن هذا الديك لو نقر عينك لكان يقلعها ، ياغلمان ، خذوا منه دية عينه ".
فحلف الغلام ألا يقعد في مدينة يكون حاكمها قراقوش أبدا.
----------------------------------------
* حُكي عن قراقوش أنه نشر قميصه ، فوقع من على الحبل ، فبلغه ذلك ، فتصدق بألف درهم ، وقال : " لو كنت لابسه ووقع بي لانكسرت !".
----------------------------------------
* وحُكي أن شخصاً شكا له مماطلة غريمه ، فقال له المدين : " يامولانا ، إني رجل فقير ، وإذا حصلت شيئا له ، لاأجده ، فإذا صـرفته جاء وطالبني ".
فقال قراقوش : " احبسوا صاحب الحق ، حتى يصير المديون إذا حصل شيئاً يجد له موضعاً معلوماً ، يدفع له فيه ".
فقال صاحب الحق : " تركت أجري على الله " ومضى.
-----------------------------------------
ويكيبيديا ...